قوله تعالى:{وألق عصاك فلما رآها تهتزّ كأنها جانّ ولّى مدبرا} [ النمل: 10] .
قاله هنا بدون ذكر"أن "وفي القصص({[472]} ) بذكرها .
لأن ما هنا تقدَّمه فعل بعد"أنْ "وهو"بورك "فحسن عطف الفعل عليه ،وما هناك لم يتقدمه فعل بعد"أنْ "فذكرت"أنْ "لتكون جملة{وأنْ ألق عصاك} معطوفة على جملة{أن يا موسى إني أنا الله ربّ العالمين} [ الأعراف: 117] .
قوله تعالى:{يا موسى لا تخف إني لا يخاف لديّ المرسلون} [ النمل: 10] .
قال ذلك هنا ،وقال في القصص{يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين} [ القصص: 31] بزيادة"أقبل "،لأن ما هنا بُني عليه كلام يناسبه ،وهو{إني لا يخاف لديّ المرسلون} [ النمل: 10] فناسبه الحذف ،وما هناك لم يُبن عليه شيء ،فناسبه زيادة"أقبل "جبرا له ،وليكون في مقابلة"مدبرا "أي أقبلْ آمنا غير مدبر ،ولا تخف .
قوله تعالى:{إني لا يخاف لديّ المرسلون إلا من ظلم ...} الآية [ النمل: 10] .
إن قلتَ: كيف وجه صحة الاستثناء فيه ،مع أن الأنبياء معصومون من المعاصي ؟ !
قلتُ: الاستثناء منقطع ،أي لكن من ظلم من غير الأنبياء فإنه يخاف ،فإن تاب وبدّل حُسنا بعد سوء ،فإني غفور رحيم ،أو متصل بحمل الظلم على ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل ،أو"إلا "بمعنى"ولا "كما في قوله تعالى:{لئلا يكون للناس عليكم حجّة إلا الذين ظلموا} [ البقرة: 150] .
وإنما خصّ: المرسلين بالذكر ،لأن الكلام في قصة موسى –وكان من المرسلين- وإلا فسائر الأنبياء كذلك ،وإن لم يكن بعضهم رسلا .