قوله تعالى:{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين ...} [ الأحزاب: 40] الآية ،هو جواب عن سؤال مقدّر ،تقديره: أمحمد أبو ( زيد بن حارثة ) ؟فأُجيب بنفي الأعمّ ،المستلزم لنفي الأخصّ ،إذ لو اقتصر على قوله: ما كان محمد أبا زيد لقيل: وماذا يلزم منه ؟فقد كان للأنبياء أبناء ،فجيء بنفي الأعمّ تمهيدا للاستدراك ،بأنه رسول الله وخاتم النبيئين .
إن قلتَ: كيف صحّ نفي الأبوة عنه ،وكان أبا للطيّب ،والطاهر ،والقاسم ،وإبراهيم ؟
قلتُ: قد قيّد النفي بقولهك{من رجالكم} ،لأن إضافة الرجال إلى المخاطبين ،تخرج أبناءه ،لأنهم رجاله لا رجالهم ،ولأن المفهوم منهم بقرينة المقام الرجال البالغون ،وأبناؤه ليسوا كذلك ،إذ لو كان له بالغ لكان نبيا ،فلا يكون هو خاتم النبيّين .
فإن قلتَ: كيف قال تعالى:{وخاتم النبيئين} وعيسى({[515]} ) عليه السلام ينزل بعده ،وهو نبيّ ؟
قلت: معنى كونه{وخاتم النبيئين} أنه لا يتنبّأ أحد بعده ،وعيسى نبيّ قبله ،وحين ينزل يكون عاملا بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم .