قوله تعالى:{وسيق الذين اتقوا ربّهم إلى الجنة زمرا ...} [ الزمر: 73] الآيتين .
إن قلتَ: كيف قال ذلك ،مع أن السَّوْقَ فيه نوع إهانة ،لا يليق بأهل الجنة ؟
قلتُ: المراد بسوق"أهل النار "طردهم إليها بالهوان والعنف ،كما يُفعل بالأسرى ،الخارجين على السلطان ،إذا سيقوا إلى حبس أو قتل ،وبسوق"أهل الجنة "سوقُ مراكبهم ،حَثّاً وإسراعا بهم ،إلى دار الكرامة والرضوان ،كما يُفعل بمن يُشَرَّفُ ويُكَرَّمُ من الوافدين على السلطان .
فإن قلتَ: كيف قال في صفة النار{فُتِحَتْ أبوابها} [ الزمر: 71] بلا ( واو ) ،وفي صفة الجنة بالواو ( وفُتِحَتْ أبوابها} ؟[ الزمر: 73] .
قلت: هي زائدة ،أو هي واو الثمانية ،لأن أبواب الجنة ثمانية ،أو واو الحال ،أي جاؤوها وقد فُتحت أبوابها ،قبل مجيئهم ،بخلاف أبواب النار ،فإنها إنم فُتحت عند مجيئهم ،والسرّ في ذلك أن يتعجّلوا الفرح والسرور ،إذا رأوا الأبواب مفتّحة .
وأهل النار يأتونها وأبوابها مغلقة ،ليكون أشدّ لحرّها({[554]} ) ،أو أن الوقوف على الباب المغلق ،نوع ذل وهوان ،فصين أهل الجنة عنه ،أو أن الكريم يعجّل المثوبة ويؤخّر العقوبة ،أو اعتبر في ذلك عادة دار الدنيا ،لأن عادة من في منازلها من الخدم –إذا بُشّروا بقدوم أهل المنازل- فتح أبوابها قبل مجيئهم ،استبشارا وتطلعا إليهم ،وعادة أهل الحبوس ،إذا شُدِّد في أمرها ،ألا تُفتح أبوابها ،إلا عند الدخول إليها أو الخروج .