قوله تعالى:{إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} [ الأعراف: 188] .
إن قلتَ: كيف خصّ المؤمنين بالذّكر ،مع أنه نذير وبشير للناس كافة ،كما قال تعالى:{وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا} ؟[ سبأ: 28] .
قلتُ: خصّهم بالذّكر ،لأنهم المنتفعون بالإنذار والبشارة .
قوله تعالى:{قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرّا إلا ما شاء الله ...} [ الأعراف: 188] .قدّم النفع هناعلى الضُرّ ،وعكس في"يونس "({[234]} ) لأن أكثر ما جاء في القرآن ،من لفظي: الضُرّ ،والنفع معا ،جاء بتقديم الضرّ على النفع ،ولو بغير لفظهما ،كالطَّوع والكره في الوعد ،لأن العابد يعبد معبوده ،خوفا من عقابه أولا ،ثم طمعا في ثوابه ثانيا ،كما قال تعالى:{يدعون ربّهم خوفا وطمعا} [ السجدة: 16] ،وحيث تقدّم النفع على الضُّرّ ،تقدَّمه لفظ تضمّن نفعا ،وذلك في ثمانية مواضع:"هنا وفي الرّعد({[235]} ) ،وسبأ({[236]} ) ،والأنعام({[237]} ) ،وآخر يونس({[238]} ) ،وفي الأنبياء({[239]} ) ،والفرقان({[240]} ) ،والشعراء "({[241]} )({[242]} ) .
فقدّم هنا النفع لموافقة قوله قبله:{من يهد الله فهو المهتدي} [ الأعراف: 178] الآية .وقوله بعده:{لاستكثرت من الخير وما مسّني السّوء} [ الأعراف: 188] إذِ الهداية والخير من جنس النفع ،وقدّم الضُرَّ في آخر يونس على الأصل ،لموافقة قوله قبله:{ما لا يضرّهم ولا ينفعهم} [ يونس: 18] .