30- في هذه الآية معنى ينبغي التنبه له و هو أنه تعالى لما قال : { إني جاعل في الأرض خليفة } |البقرة : 30| اعترضت الملائكة بعلم قد كان تقدم عندها{[79]} فقالت { أتجعل فيها من يفسد فيها } الآية |البقرة : 30| وكان يجب أن لا تعترض على الله تعالى في فعله ، ومع ذلك قد فضلوا أنفسهم على من كان يجعله{[80]} بقولهم : { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } |البقرة : 30| فرد الله تعالى عليهم بأنه يعلم ما لا يعلمون ، ثم زادهم آدم وعلمه ما لا يعلمون . قال الحسن ، وقتادة{[81]} : روي أن الملائكة قالت حين خلق الله آدم : ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أعلم منا ولا أكرم عليه منا . فأراد الله تعالى أن يريهم من علم آدم وكرامته خلاف ما ظنوا . ثم أنه تعالى أمرهم بالسجود لآدم كرامة له ، ولهذه المعاني كلها اعتذارات اختلف الناس فيها تركتها اختصارا .
وهنا مسألة اختلف الناس فيها ، هل الصالحون من الناس و الأنبياء أفضل من الملائكة ؟ أم الملائكة أفضل من كل خلق{[82]} ؟ والذي تدل عليه هذه الآية أن الملائكة أفضل ، ألا ترى إخبار الله تعالى إياهم بما أراد أن يخلق وإدلالهم في القول وإخبارهم عن أنفسهم بالتسبيح والتقديس ، وما رد تعالى عليهم شيئا من ذلك ، ويدل أيضا قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك } |الأنعام : 50| .