المفردات:
أمة واحدة: جماعة متفقة على الحق في أصل الفطرة .
ولولا كلمة سبقت: أي: ولولا قضاء الله بتأخير الفصل بين المحق والمبطل إلى يوم القيامة .
التفسير:
19{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} .
إن الإنسان بفطرته ينزع إلى توحيد الله الخالق .
أي: وما كان الناس كافة من لدن آدم عليه السلام ؛إلا متفقين على الحق والتوحيد ،وظلوا كذلك حتى أغوى الشيطان فريقا منهم فكفر ،وثبت الآخرون على التوحيد ،الذي فطروا عليه ؛فخالف كل من الفريقين الآخر .
{وَلَوْ لاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} .
شاء الله ألا يهلك المبطلون في هذه الدنيا ؛بل يمهلهم بعض الوقت ؛علهم أن يتبينوا الحق والهدى وهذه منة من الله ورحمة .
فقد خلق الإنسان بيده ،وأسجد له الملائكة ،وميزه بالعقل وحرية الاختيار ،وأخر عنه العذاب والأخذ بغتة ،وأرسل له الرسل ،وأنزل له الكتب ،وأخبره بما أصاب المكذبين من الهلاك ،كل ذلك ليكون لدى الإنسان فرصة مناسبة ؛للتأمل والتفكر والتدبر ،واختيار الحق والبعد عن الباطل .
جاء في تفسير التحرير والتنوير:
وجملة:{ولولا كلمة سبقت من ربك} .
إخبار بأن الحق واحد ،وأن ذلك الاختلاف مذموم ،وأنه لولا أن الله أراد إمهال البشر إلى يوم الجزاء ؛لأراهم وجه الفصل في اختلافهم ؛باستئصال المبطل ،وإبقاء المحق ،وهذه الكلمة أجملت هنا ،وأشير إليها في سورة الشورى بقوله:{ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم} .( الشورى:14 ) .
والأجل: هو أجل بقاء الأمم ،فالقضاء بينهم إذن مؤخر إلى يوم الحساب ،وأصرح من ذلك في بيان معنى ( الكلمة ) قوله في سورة هود:{ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} . xii ( هود: 118 ، 119 ) .
{لقضي الأمر فيما فيه يختلفون} .
أي: لحكم بينهم عاجلا في الدنيا بإهلاك المبطلين .