المفردات:
واتل عليهم: واقرأ على اليهود والنصارى .أو على أمتك يا محمد .
نبأ ابني آدم: خبرهما .
قربانا: القربان: ما يتقرب به إلى الله من ذبيحة أو صدقة أو نحوهما .
التفسير:
27- وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ...
- الضمير في عليهم .يعود على بني إسرائيل أو على جميع الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم لهدايتهم .
-والقربان: اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى من صدقة أو غيرها ، ويطلق في أكثر الأحوال على الذبائح التي يتقرب إلى الله تعالى بذبحها .
وخلاصة ما ذكرته كتب التفسير{[205]} .
أن حواء أم البشرية كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى ،وكان آدم عليه السلام يزوج ذكر بطن لأنثى بطن آخر ولا يحل للذكر زواج توأمته .
فولد مع قبيل أخت جميلة وولد مع هابيل أخت دون ذلك ؛فأبى قابيل إلا أن يتزوج توأمته لا توأمة هابيل ،وأن يخالف سنة النكاح ،وقال: أنا أحق بتوأمي من هابيل ولم يكترث بزجر أبيه إياه ،فدعاهما آدم أن يقربا قربانا إلى الله ،وذكر لهما أن من قبل الله قربانه فهو صاحب الحق في التزوج بالأخت الجميلة .
فقدم قابيل زرعا- وكان صاحب زرع- وقدم هابيل كبشا- وكان صاحب غنم فتقبل من أحدهما وهو هابيل ،ولم يتقبل من الآخر وهو قابيل ،وكانت علامة التقبل أن تأكل نار نازلة من السماء القربان المتقبل وتترك غير المتقبل{[206]} .
وتأكد بذلك حق هابيل في الزواج من توأم قابيل ؛فحقد قابيل على هابيل وقتله ،وكان ذلك أول قتيل على ظهر الأرض .
معنى الآية:
واتل- يا محمد- على اليهود أو على أمتك وعلى الناس جميعا خبر ابني آدام: قابيل وهابيل بالحق والصدق حين قدم كل منهما إلى الله قربانا ،ولم يكونا على درجة واحدة من الإخلاص فيما تقربا به ،فتقبل الله قربانا المخلص ،ولم يتقبل قربان غيره ؛فامتلأ قلبه غيظا وحسدا على أخيه التقى الذي قبل قربانه ،مع أنه لا ذنب للتقي في رفض الله قربان الشقي ؛لأن المذنب هو الشقي بعدم إخلاصه لله تعالى .ثم حكي سبحانه ما دار بين الأخوين:
قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ .أي: قال الشقي لأخيه التقي: والله لأقتلنك بسبب قبول قربانك .وقد أكد الشقي كلامه بلام القسم ونون التوكيد .قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ .أي: قال التقي لأخيه: إنه لا ذنب لي في قبول القربان ،وإنما الذنب ذنبك في عدم إخلاصك وعدم تقواك وهذا هو السبب في رفض قربانك وقبول قرباني .
قال الزمخشري: فإن قلت كيف كان قوله: إنما يتقبل الله من المتقين جوابا لقوله: لأقتلنك .قلت: لما كان الحسد لأخيه على تقبل قربانه هو الذي حمله على نوعده بالقتل ،قال له: إنما أتيت من قبل نفسك لانسلاخها من لباس التقوى ،لا من قبلي ،فلم تقتلني ؟ومالك لا تعاتب نفسك ولا تحملها على تقوى الله التي هي السبب في القبول ؟فأجابه بكلام حكيم مختصر جامع لمعان ،وفيه دليل على أن الله تعالى- لا يقبل طاعة إلا من مؤمن متق .