قوله تعالى:{خالدين فيها ما دامت السموات والأرض ...} الآية [ هود: 108] .
إن قلتَ: كيف قال ذلك ،مع أن السموات والأرض يفنيان ،وذلك ينافي الخلود الدائم ؟ !
قلتُ: هذا خرج مخرج الألفاظ ،التي يعبّر العرب فيها عن إرادة الدّوام ،دون التأقيت ،كقولهم: لا أفعل هذا ما اختلف الليل والنهار ،وما دامت السموات والأرض ،يريد لا يفعله أبدا .
أو أنهم خوطبوا على معتقدهم أن السموات والأرض لا يفنيان .
أو أن المراد سموات الآخرة وأرضها ،قال تعالى:{يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات} [ إبراهيم: 48] وتلك دائمة لا تفنى .
إن قلتَ: إذا كان المراد بما ذُكر الخلود الدائم ،فما معنى الاستثناء في قوله:{إلا ما شاء ربّك} ؟[ هود: 107] .
قلتُ: هو استثناء من الخلود في عذاب أهل النار({[302]} ) ،ومن الخلود في نعيم أهل الجنة ،لأن أهل النار لا يخلّدون في عذابها وحده ،بل يعذبون بالزمهرير ،وبأنواع أُخر من العذاب ،وبما هو أشدّ من ذلك ،وهو سخط الله عليهم .
وأهل الجنة لا يخلّدون في نعيمها وحده ،بل ينعَّمون بالرضوان ،والنظر إلى وجهه الكريم ،وغير ذلك ،كما دلّ عليه قوله تعالى:{عطاء غير مجذوذ}({[303]} ) [ هود: 108[.
أو"إلا "بمعنى غير ،أي خالدين فيها ما دامت السموات والأرض ،غير ما شاء الله من الزيادة عليهما ،إلى ما لا نهاية له .
أو"إلا "بمعنى الواو({[304]} ) ،كقوله تعالى:{إني لا يخاف لديّ المرسلون إلا من ظلم} [ النمل: 10 ،11] .