– وقوله تعالى : { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } :
اختلف في تأويله . فقيل معناه لا تدعوا رسول الله كدعاء بعضكم بعضا بالأسماء غير مهتبلين بذلك ولكن ادعوه بأشرف أسمائكم على مقتضى التوقير وذلك أن يقول يا رسول الله ، برفق وبر . وهو قول مجاهد وغيره . وقيل المعنى لا تحسبوا دعاء الرسول عليكم كدعاء بعضكم على بعض أي دعاؤه عليكم مجاب فاحذروه وهو قول ابن عباس{[10205]} وألفاظ الآية تدفع هذا المعنى مع أنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يعضد المعنى الأول . روي أنه كان مرة يمشي إذ صاح رجل بآخر يا أبا القاسم . فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إليه . فقال لم أعنك يا رسول الله . فعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي " {[10206]} وقد استدل بعض المتأخرين من هذه الآية على أنه لا يجوز أن يقال في الدعاء : ارحم محمد وآل محمد ، كما يقال ذلك لغيره ، فأنكر لفظ الرحمة . وهذا ضعيف بل ينبغي أن يجوز ذلك . وقد جاء في الحديث ما يعضده ، وذلك أن أعرابيا قال اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد حجرت واسعا " {[10207]} فلم ينكر صلى الله عليه وسلم إلا التحجير ، فدل إقراره على ذلك أنه جائز . وأما الاستدلال بالآية فضعيف وألفاظها تنبئ عنه .
قوله تعالى : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } أمر منه تعالى باتباع نبيه والتحذير من مخالفته .