قال أبو السعود:وهذا تذكير لبعض النعم التي هي من دلائل التوحيد ،وتمهيد لذكر توحيدهم عند مساس الضر ،تكملة لما مر من قوله:{ فلا يملكون ...} الآية ،وذلك قوله تعالى:{ وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا} .
{ وإذا مسكم الضر في البحر} أي خوف الغرق{ ضل من تدعون إلا إياه} أي ذهب عن أوهامكم وخواطركم كل من تدعونه وتعبدونه ،إلا إياه وحده .فإنكم لا تذكرون سواه .فطرة فطر الله الخلق عليها .
وهذه الآية مما يستدل بها على الرجوع إلى الفطرة الصحيحة .وقد استدل لكثير من الأصول بها ،كما يعلم ذلك من كلام الأئمة في مسائل شتى .كمسألة وجود الخالق وعلوّه ،والمعاد وغيرها .وقوله تعالى:{ فلما نجاهم} أي من الغرق{ إلى البر أعرضتم} أي عن التوحيد:{ وكان الإنسان كفورا} أي بأنعم الله .والجملة كالتعليل للإعراض .قال الشهاب:وفيه لطف ،حيث أعرض عن خطابهم بخصوصهم .وذكر أن جنس / الإنسان مجبول على هذا .فلما أعرضوا أعرض الله عنهم .