{ واصبر لحكم ربك} أي الذي حكم به عليك ،وامض لأمره ونهيه ،وبلغ رسالاته .{ فإنك بأعيننا} قال ابن جرير:{[6798]} أي بمرأى منا ،نراك ونرى عملك ،ونحن نحوطك ونحفظك ،فلا يصل إليك من أرادك بسوء من المشركين .
وقال الشهاب:يعني أن العين ،لما كان بها الحفظ والحراسة ،استعيرت لذلك ،وللحافظ نفسه ،كما تسمى ( الربيئة ) عينا ،وهو استعمال فصيح مشهور .ونكتة جمع ( العين ) هنا وإفرادها في قصة الكليم ،عدا عن أنه جمع هنا لما أضيف لضمير الجمع ،ووحد ثمة لإضافته لضمير الواحد ،هو المبالغة في الحفظ ،حتى كأنه معه جماعة حفظة له بأعينهم ،لأن المقصود تصبير حبيبه على المكايد ومشاقّ التكاليف والطاعة .فناسب الجمع ،لأنها أفعال كثيرة ،يحتاج كل منها إلى حارس بل حراس .بخلاف ما ذكر هناك من كلاءة موسى عليه السلام{ وسبح بحمد ربك حين تقوم} أي من منامك .
روى الإمام أحمد{[6799]} عن عبادة بن الصامت ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( من تعارّ من الليل فقال:لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد ،وهو على كل شيء قدير ،سبحان الله ،والحمد لله ،ولا إله إلا الله ،والله أكبر ،ولا حول ولا قوة إلا بالله .ثم قال:رب اغفر لي ( أو قال:ثم دعا ) استجيب له .فإن عزم فتوضأ ثم صلى ،قبلت صلاته ) .وأخرجه البخاريّ{[6800]} في ( صحيحه ) وأهل ( السنن (.
وورد من أذكار الاستيقاظ من النوم قال:سبحان الله وبحمده ،سبحان القدوس .و:لا إله إلا أنت ،سبحانك اللهم أستغفرك لذنبي ،وأسألك رحمتك .اللهم زدني علما .ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ،وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
وقيل:حين تقوم إلى الصلاة – روى مسلم{[6801]} في ( صحيحه ) عن عمر ؛ ( أنه كان يقول في / ابتداء الصلاة:سبحانك اللهم وبحمدك ،وتبارك اسمك ،وتعالى جدك ،ولا إله غيرك ) .ورواه أحمد وأهل ( السنن ) عن أبي سعيد وغيره ،عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه كان يقول ذلك .وعن مجاهد:حين تقوم من كل مجلس .وكذا قال عطاء وأبو الأحوص .
روى أبو هريرة{[6802]} عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( من جلس في مجلس ،فكثر فيه لغطه ،فقال قبل أن يقوم من مجلسه:سبحانك اللهم وبحمدك ،أشهد أن لا إله إلا الله ،أستغفرك وأتوب إليك – إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك ) – رواه الترمذيّ وصححه ،وكذا الحاكم .
وأخرجه أبو داود{[6803]} والنسائيّ والحاكم عن أبي برزة الأسلميّ قال:( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخرة ،إذا أراد أن يقوم من المجلس:سبحانك اللهم وبحمدك ،أشهد أن لا إله إلا أنت ،أستغفرك وأتوب إليك .فقال رجل:يا رسول الله ! إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ؟ ! قال:كفارة لما يكون في المجلس ! ) .
وقد أفرد الحافظ ابن كثير لهذا الحديث جزءا على حدة ،ذكر فيه طرقه وألفاظه ،وعلّله ،فرحمه الله .
ولا يخفى أن لفظ الآية يصدق بالمواضع المذكورة كلها ،وتدل الأحاديث المذكورة على الأخذ بعمومها ،فإن السنة بيان للكتاب الكريم .