{ الذي أطعمهم من جوع} أي جوع شديد كانوا فيه قبل الرحلتين ف ( من ) تعليلية .أي أنعم عليهم وأطعمهم لإزالة الجوع عنهم ،أو بدلية{ وآمنهم من خوف} أي مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم من الغارات والحروب والقتال ،والأمور التي كانت العرب تخاف بعضها من بعض .قال ابن زيد:كانت العرب يغير بعضها على بعض ،ويسبي بعضها بعضا ،فأمنوا من ذلك لمكان الحرم ،وقرأ{[7552]}{ أو لم نمكن لهم حرما ءامنا يجبى إليه ثمرات كل شيء} ونظيره أيضا قوله تعالى{[7553]}{ أو لم يروا أنا جعلنا حرما ءامنا ويتخطف الناس من حولهم} .
تنبيه:
زعم بعض الناس أن اللام في{ لإيلاف} متعلق بما قبله ،أي ( فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ) قال الشهاب:وعلى هذا لابد من تأويله ،والمعنى أهلكهم ولم يسلط على أهل حرمه ليبقوا على ما كانوا عليه ،أو أهلك من قصدهم ليعتبر الناس ولا يجترىء عليهم أحد ،فيتم لهم الأمن في الإقامة والسفر ،أو هي لام العاقبة .انتهى .
ولا يخفى ما فيه من التكلف ،لذا قال ابن جرير{[7554]} في رده:وأما القول الذي قاله من حكينا قوله أنه من صلة قوله{ فجعلهم كعصف مأكول} ،فإن ذلك لو كان كذلك لوجب أن يكون{ إيلاف} بعض{ ألم تر} ،وأن لا تكون سورة منفصلة من{ ألم تر} ،وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان كل واحدة منهما منفصلة عن الأخرى ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك ،ولو كان قوله{ لإيلاف قريش} من صلة قوله{ فجعلهم كعصف مأكول} لم تكن{ ألم تر} تامة حتى توصل بقوله{ لإيلاف قريش} ؛ لأن الكلام لا يتم إلا بانقضاء الخبر الذي ذكر .انتهى .