{ قَالَ} أي الله أو الملك المأمور بسؤالهم{ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}{ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ * قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ،لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أي شيئا ما .أو لو كنتم من أهل العلم .والجواب محذوف ،ثقة بدلالة ما سبق ،عليه أن لعلمتم يومئذ قلة لبثكم فيها ،كما علمتم اليوم .ولعملتم بموجبه ولم تخلدوا إليها .
قال الرازي:الغرض من هذا السؤال التبكيت والتوبيخ ،فقد كانوا ينكرون اللبث في الآخرة أصلا ،ولا يعدون اللبث إلا في دار الدنيا .ويظنون أن بعد الموت يدوم الفناء ،ولا إعادة .فلما حصلوا في النار وأيقنوا أنها دائمة وهم فيها خالدون ،سألهم:كيف لبثتم في الأرض ؟ تنبيها لهم على أن ما ظنوه دائما طويلا ،فهو يسير ،بالإضافة إلى ما أنكروه .فحينئذ تحصل لهم الحسرة على ما كانوا يعتقدونه في الدنيا .من حيث أيقنوا خلافه .فليس الغرض مجرد السؤال ،بل ما ذكر .
قال الزمخشري:استقصروا مدة لبثهم في الدنيا ،بالإضافة إلى خلودهم ،ولما هم فيه من عذابها .لأن الممتحن يستطيل أيام محنته ،ويستقصر ما مر عليه من أيام الدعة إليها .أو لأنهم كانوا في سرور .وأيام السرور قصار .أو لأن المنقضي في حكم ما لم يكن .وصدقهم الله في تقالهم لسني لبثهم في الدنيا ،ووبخهم على غفلتهم التي كانوا عليها .وقرئ{ فسل العادين} والمعنى:لا نعرف من عدد تلك السنين ،إلا أنا نستقله ونحسبه يوما أو بعض يوم .لما نحن فيه من العذاب ،وما فينا أن نعدها ،فسل من فيه أن يعد ،ويقدر أن يلقي إليه فكره .وقيل:فسل الملائكة الذين يعدون أعمار العباد ويحصون أعمالهم .انتهى .