{ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} لما ذكر الوعد والوعيد ،تأثره بما هو وسيلة للفوز والنجاة ،من تنزيهه تعالى عما لا يليق به ،والثناء عليه بصفاته الجميلة ،وأداء حق العبودية .و ( الفاء ) للتفريغ فكأنه قيل:إذا صح واتضح عاقبة المطيعين والعاصين ،فقولوا:نسبح سبحان إلخ .والمعنى فسبحوه تسبيحا دائما .و{ سبحان} خبر في معنى الأمر بتنزيه الله تعالى وحمده .أي الثناء عليه في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته ،وتتجدد فيها نعمته .وقوله تعالى:{ وعشيا} معطوف على{ حين} وتقديمه على{ حين تظهرون} لمراعاة الفواصل .وقوله{ وله الحمد} معترضا بينهما .والمراد بثبوت حمده فيها ،واستحقاقه الحمد ممن له تمييز من أهلها .قال أبو السعود:والإخبار بثبوت الحمد له ووجوبه على المميزين من أهل السماوات والأرض ،في معنى الأمر به على أبلغ وجه وآكده .وتوسيطه بين أوقات التسبيح ،للاعتناء بشأنه ،والإشعار بأن حقهما أن يجمع بينهما ،كما ينبئ عنه قوله تعالى{[6059]}:{ ونحن نسبح بحمدك} وقوله تعالى{[6060]}:{ فسبح بحمد ربك} وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ ( أن الآية جامعة للصلوات الخمس:{ تمسون} صلاة المغرب والعشاء .و{ تصبحون} صلاة الفجر .و{ عشيا} صلاة العصر و{ تظهرون} صلاة الظهر ) .فإن قيل:لم غير الأسلوب في{ عشيا} ؟ أجيب ( كما قال أبو السعود ) بأن تغير الأسلوب لما أنه لا يجى منه الفعل بمعنى الدخول في العشي .كالمساء والصباح والظهيرة .ولعل السر في ذلك أنه ليس من الأوقات التي تختلف فيها أحوال الناس ،وتتغير تغيرا ظاهرا مصححا لوصفهم بالخروج عما قبلها ،والدخول فيها ،كالأوقات المذكورة .فإن كلا منها وقت تتغير فيه الأحوال تغيرا ظاهرا .أما في المساء والصباح فظاهر .وأما في الظهيرة فلأنها وقت يعتاد فيه التجرد عن الثياب للقيلولة .كما مر في سورة النور .انتهى .