ثم تزويجه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم إياها ،رفعا للحرج فيه فقال تعالى:
{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} أي بالإسلام ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ،وهو زيد بن حارثة{ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} أي بالعتق والحرية والإصطفاء بالولاية والمحبة وتزويجه بنت عمتك زينب بنت جحش .
قال ابن كثير:كان سيدا كبير الشأن جليل القدر ،حبيبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له ( الحب ) ويقال لابنه أسامة ( الحب بن الحب ) قالت عائشة رضي الله عنها:( ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إلا أمره عليهم .ولو عاش بعده لاستخلفه ) .رواه الإمام أحمد{[6187]} .{ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} أي لا تطلقها{ وَاتَّقِ اللَّهَ} أي اخشه في أمرها فإن الله يشينها وقد يؤذي قلبها وراع حق الله في نفسك أيضا .فربما لا تجد بعدها خيرا منها .وكانت تتعظم عليه بشرفها ،وتؤذيه بلسانها فرام تطليقها متعللا بتكبرها وأذاها فوعظه صلى الله عليه وسلم وأرشده إلى البر والتقوى{ وَتُخْفِي} أي تضمر{ فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} أي من الحكم الذي شرعه .أي تقول ذلك ،وأنت تعلم أن الطلاق لا بد منه وأن لا منتدح عن امتثال أمر الله بنفسك لتكون أسوة لمن معك ولمن يأتي بعدك .وإنما غلبك في ذلك الحياء والخشية أن يقولوا تزوج محمد مطلقة متبناه .وهذا معنى قوله تعالى:{ وَتَخْشَى النَّاسَ} أي قالتهم وتعييرهم الجاهلي{ وَاللَّهُ} أي الذي ألهمك ذلك وأمرك به{ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} أي فكان عليك أن تمضي في الأمر من أول وهلة تعجيلا بتنفيذ كلمته وتقرير شرعه ،ثم زاده بيان بقوله:{ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا} أي حاجة بالزواج{ زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} أي ضيق من العار في نكاح زوجات أدعيائهم{ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} أي بموت أو طلاق أو فسخ النكاح .{ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} أي قضاؤه واقعا ،ومنه تزويجك زينب .
/خ40