{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ* قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} قال الزمخشري هذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار ،وارد على المثل السائر:( إياك أعني واسمعي يا جارة ) ونحوه قوله تعالى:{[6297]}{ أأنت قلت للناس اتخذونيوأمي إلهين من دون الله} وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزهين برآء مما وجه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير .والغرض أن يقول ويقولوا ،ويسأل ويجيبوا .فيكون تقريعهم أشد ،وتعبيرهم أبلغ ،وخجلهم أعظم ،وهو أنهم ألزم .ويكون اقتصاص ذلك لطفا لمن سمعه ،وزاجرا لمن اقتص عليه .انتهى .
وتخصيص الملائكة ،لأنهم أشرف الأنداد عند مشركي العرب .ولأن عبادتهم مبدأ الشرك وأصله .لزعمهم أن الأوثان على صور الهياكل العلوية المقربة .فتكون شفعاء لهم .وقوله تعالى:{ أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} أي:أبإذنكم كان ذلك .كما قال تعالى:{[6298]}{ أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل} وكما يقول تعالى لعيسى عليه السلام{[6299]}{ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك} وهكذا تقول/ الملائكة{ سبحانك} أي تعاليت وتقدست عن أن يكون معك إله{ أنت ولينا من دونهم} أي أنت الذي نواليه من دونهم ،إذ لا موالاة بيننا وبينهم .فنبرأ إليك منهم .بينوا بإثبات موالاة الله ومعادة الكفار ،براءتهم من الرضا بعبادتهم لهم .وقولهم{ بل كانوا يعبدون الجن} أي الشياطين ،لأنهم هم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان وأضلوهم .والضمير الأول في قولهم{ أكثرهم بهم مؤمنون} للإنس أو للمشركين .والأكثر بمعنى الكل والثاني للجن .