{ لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ} أي الذي تدعونني إلى عبادته ،ليس له دعوة في الدنيا لدفع الشدائد والأمراض ونحوها ،/ ولا في الآخرة ،لدفع أهوالها ،على ما قاله المهايميّ .أو لا دعوة له في الدارين لعدمه بنفسه ،واستحالة وجوده فيهما ،على ما قاله القاشانيّ .وقال الشهاب:عدم الدعوة عبارة عن جماديتها وأنها غير مستحقة لذلك .وسياق{ لا جرم} عند البصريّين أن يكون{ لا} ردّا لما دعاه إليه قومه و{ جرم} بمعنى كسب .أي وكسب دعاؤهم إليه بطلان دعوته .أي ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته .ويجوز أن يكون{ لا جرم} نظير ( لا بد ) من الجرم وهو القطع .فكما أنك تقول ( لا بد لك أن تفعل ) والبد من التبديد الذي هو التفريق ،ومعناه لا مفارقة لك من فعل كذا ،فكذلك{ لا جرم} معناه لا انقطاع لبطلان دعوة الأصنام .بل هي باطلة أبدا .هذا ما يستفاد من ( الكشاف ) .وفي ( الصحاح ):قال الفرّاء:{ لا جرم} كلمة كانت في الأصل بمنزلة ( لا محالة ،ولا بد ) فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم ،وصارت بمنزلة ( حقا ) فلذلك يجاب عنها باللام .ألا تراهم يقولون ( لا جرملآتينك ) وقد حقق الكلام فيها ابن هشام في ( المغنيّ ) في بحث .والجلال في ( همع الهوامع ) أثناء بحث إن والقسم ،فانظرهما .{ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ} أي في الضلالة والطغيان وسفك الدماء{ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}