ولما نعى عليهم تفكرهم في شأنه صلى الله عليه وسلم ،أنكر إخلالهم في التأمل بالآيات التكوينية المنصوبة في الآفاق والأنفس ،الشاهدة بصحة الآيات المنزلة ،فقال سبحانه:[ 185]{ أوَ لم ينظروا في مَلكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ( 185 )} .
{ أو لم ينظروا} أي نظر استدلال{ في ملكوت السماوات} من الشمس والقمر والنجوم والسحاب .والملكوت:الملك العظيم{ والأرض} أي وفي ملكوت الأرض ،من البحار والجبال والدواب والشجر{ وما خلق الله من شيء} أي وفيما خلق الله مما يقع عليه اسم ( الشيء ) ،من أجناس لا يحصرها العدد ،ولا يحيط بها الوصف{ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم} عطف على{ ملكوت} .أي في احتمال أن يهلكوا عما قريب ،فيفارقوا الدنيا ،وهم على أتعس الأحوال{ فبأي حديث بعده} أي القرآن{ يؤمنون} أي إذا لم يؤمنوا به ،وهو المعجز الجامع لكل ما يفيد الهداية .وفي هذا قطع لاحتمال إيمانهم رأسا ،ونفي له بالكلية .
تنبيه:
قال الجشمي:تدل الآية على وجوب النظر في الأدلة ،وأنها طريق المعرفة .وتدل على أنه لا شيء ينظر فيه ،إلا ويعرف الله تعالى به .