{ فالمدبرات أمرا} أي الخيل أسند إليها أمر تدبير الظفر مجازا لأنها سببه أو المدبرات مثل المعقبات أي أنه في أدبار هذا الفعل الذي هو نزع السهام وسبح الخيل وسبقها الأمر الذي هو النصر أو هي الكواكب تدبر أمرا نيط بها كاختلاف الفصول وتقدير الأزمنة وظهور مواقيت العبادات مجازا أيضا ،لأنها سببه أو هي الملائكة تدبر ما نيط بها من أمر الله تعالى وقد جوز فيما قبلها أن تكون الملائكة أيضا واللفظ الكريم متسع لما ذكر من المعاني بلا تدافع ولا إمكان للجزم بواحد إذ لا قاطع ولذا قال ابن جرير{[7333]} الصواب عندي أن يقال أنه تعالى أقسم بالنازعات غرقا ولم يخصص نازعة فكل نازعة غرقا فداخلة في قسمه ملكا أو نجما أو قوسا أو غير ذلك ،وكذا عم القسم بجميع الناشطات من موضع إلى موضع فكل ناشط فداخل فيما أقسم به إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها بأن المعنى بالقسم من ذلك ،بعض دون بعض وهكذا في البقية وكلامه رحمه الله متجه للغاية ،إذ فيه إبقاء اللفظ على شموله وهو أعم فائدة وعدم التكلف للتخصيص بلا قاطع وإن كانت القرائن واستعمال موادها في مثلها وشواهدها مما قد يخصص الصيغ إلا أن التنزيل الكريم يتوقى في التسرع فيه مالا يتوقى في غيره .
لطائف:قال أبو السعود العطف مع اتحاد الكل بتنزيل التغاير العنواني منزلة التغاير الذاتي كما في قوله{[7334]}
إلى الملك القرم وابن الهمام *** وليث الكتيبة في المزدحم
للإشعار بأن كل واحد من الأوصاف المعدودة من معظمات الأمور حقيق بأن يكون على حياله مناطا لاستحقاق موصوفه للإجلال والإعظام بالإقسام به من غير انضمام الأوصاف الأخر إليه والفاء في الأخريين للدلالة على ترتبهما على ما قبلهما بغير مهلة{ وغرقا} مصدر مؤكد بحذف الزوائد وانتصاب{ نشطا} و{ سبحا} و{ سبقا} أيضا على المصدرية وأما{ أمرا} فمفعول للمدبرات وتنكيره للتهويل والتفخيم والمقسم عليه محذوف تعويلا على إشارة ما قبله من المقسم به إليه ودلالة ما بعده من أحوال القيامة عليه وهو ( لتبعثن ) وبه تعلق قوله تعالى:{ يوم ترجف الراجفة}