وقوله تعالى{ فوسطن به جمعا} أي فتوسطن ودخلن في وسط جمع من الأعداء ففرقته وشتته ،يقال:( وسَطت القوم ) بالتخفيف ،و ( وسَّطته ) بالتشديد ،و ( توسطته ) بمعنى واحد ،وفي الضمير الوجوه المتقدمة .
قال الإمام رحمه الله:أقسم الله تعالى بالخيل متصفة بصفاتها التي ذكرها آتية بالأعمال التي سردها لينوه بشأنها ،ويعلي من قدرها في نفوس المؤمنين أهل العمل والجد ،ليعنوا بقنيتها وتدريبها على الكر والفر ،وليحملهم أنفسهم على العناية بالفروسية والتدرب على ركوب الخيل والإغارة بها ،ليكون كل واحد منهم مستعدا في أي وقت كان ؛ لأن يكون جزءا من قوة الأمة إذا اضطرت إلى صد عدو ،أو بعثها باعث على كسر شوكته ،وكان في هذه الآيات القارعات وفي تخصيص الخيل بالذكر في قوله{[7535]}{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} وفيما ورد من الأحاديث التي لا تكاد تحصر ما يحمل كل فرد من رجال المسلمين على أن يكون في مقدمة فرسان الأرض مهارة في ركوب الخيل ،ويبعث القادرين منهم على قتبة الخيل على التنافس في عقائلها ،وأن يكون فن السباق عندهم يسبق بقية الفنون إتقانا .أفليس من أعجب العجب أن ترى أمما هذا كتابها قد أهملت شأن الخيل والفروسية إلى أن صار إلى راكبها بينهم بالهزؤ والسخرية ؟ وأخذت كرام الخيل تهجر بلادهم إلى بلاد أخرى .
ثم قال:يقسم الله بالخيل صاحبة تلك الصفات التي رفع ذكرها ليؤكد الخبر الذي جاء في قوله:{ إن الإنسان لربه لكنود} .