وقوله تعالى:
[ 77]{ ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب 77} .
{ ولما جاءت رسلنا لوطا} أي بعد منصرفها من عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام ،وكان مقيما في ( بلوط ممرا ) التي ب ( حبرون ) ،المدينة المعروفة اليوم ب ( الخليل )؛{ سيء بهم} أي ساءه مجيئهم ،لأنهم أتوه على صورة مرد ،حسان الوجوه فخاف أن يقصدهم قومه ،لظنه أنهم بشر{ وضاق بهم ذرعا} يقال:ضاق بالأمر ذرعه وذراعه ،وضاق به ذرعا ،أي ضعفت طاقته ،ولم يجد من المكروه فيه مخلصا .
قال الجوهري:أصل الذرع بسط اليد ،فكأنك تريد:مددت يدك إليه فلم تنله .وقيل:وجه التمثيل أن القصير الذراع لا ينال ما يناله الطويل الذراع ،ولا يطيق طاقته ،فضرب مثلا للذي سقطت قوته ،دون بلوغ الأمر والاقتدار عليه .
وقال الأزهري:الذرع يوضع موضع الطاقة ،والأصل فيه ،أن البعير يذرع بيديه / في سيره ذرعا ،على قدر سعة خطوه .فإذا حمل عليه أكثر من طوقه ،طاق به ذرعا عن ذلك ،وضعف ومد عنقه .فجعل ضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع والطاقة .
و{ ذرعا} تمييز ،لأنه خرج مفسرا محولا .والأصل:ضاق ذرعي به .وشاهد الذراع قوله{[4874]}:
وإن بات وحشا ليلة لم يضق بها ***ذراعا ولم يصبح لها وهو خاشع
{ وقال هذا يوم عصيب} أي شديد .وكيف لا يشتد عليه ،وقد ألمّ المحذور ،كما قال تعالى:{ وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد} .