ثم ذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل ومننه الكبرى ،وما وصاهم من المحافظة على شكرها ،وحذرهم من التعرض لغضبه بكفرها ،بقوله سبحانه:
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ} وهو فرعون وقومه .فقد كانوا يسومونكم سوء العذاب .يذبحون أبنائكم ويستحيون نسائكم .وذلك بأن أقر أعينكم منهم .بإغراقهم ،وأنتم تنظرون .{ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} أي بمناجاة موسى وإنزال التوراة عليه .واليهود السامرية تزعم أن هذا الجبل في ( نابلس ) ويسمونه ( جبل الطور ) ويذكر في الجغرافيا بلفظ ( عيبال ) ولهم عيد سنوي فيه يصعدون إليه ،ويقربون فيه القرابين .والله أعلم .
قال الزمخشري:وإنما عدى المواعدة إليهم ،لأنها لابستهم واتصلت بهم ،حيث كانت لنبيهم ونقبائهم .وإليهم رجعت منافعها التي قام بهم دينهم وشرعهم ،وفيما أفاض عليهم من سائر نعمه وأرزاقه .
و{ جانب} مفعول فيه ،أو مفعول به على الاتساع .أو بتقدير مضاف .أي إتيان جانب .{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى{ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} من لذائذه .فإن المن كالعسل .والسلوى من الطيور الجيد لحمها{ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ} أي فيما رزقناكم ،بأن يتعدى فيه حدود الله ،ويخالف ما أمر به{ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} أي هلك .