قال ابن هشام:ولما ثنى معبد أبا سفيان ومن معه ،كما تقدم ،مر بأبي سفيان ركب من عبد القيس ،فقال:أين تريدون ؟ / قالوا:نريد المدينة ،قال:ولم ؟ قالوا:نريد الميرة ،قال:فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالةأرسلكم بها إليه ،وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتمونا ؟ قالوا:نعم ،قال:فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد جمعنا المسير إليه والى أصحابه لنستأصل بقيتهم ،فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد ،فأخبروه بالذي قال أبو سفيان وأصحابه ،فقالوا:حسبنا الله ونعم الوكيل ،فأنزل الله تعالى في ذلك:
173| ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل173 ) .
( الذين قال لهم الناس ) أي الركب المستقبل لهم ( إن الناس ) أي أبا سفيان وأصحابه ( قد جمعوا لكم ) أي الجموع ليستأصلوكم ( فاخشوهم ) ولا تأتوهم ( فزادهم ) أي ذلك القول ( إيمانا ) أي تصديقا بالله ويقينا .والمعنى:أنهم لم يلتفتوا إليه ولم يضعفوا ،بل ثبت به عزمهم على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يأمر به وينهى عنه .وفي الآية دليل على أن الإيمان يتفاوت زيادة ونقصانا ،فان ازدياد اليقين بتناصر الحجج ،وكثرة التأمل ،مما لا ريب فيه ( وقالوا حسبنا الله ) أي كافينا أمرهم من غير عدة لنا ولا عدد ( ونعم الوكيل ) أي الموكول إليه والمفوض إليه الأمر .