ويدل على مقارنة ايمانهم للكفر ترجيحهم جانب الكفرة في المحبة اذ هم:
/ ( الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا139 ) .
( الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) أي:يتخذونهم أنصارا مجاوزين موالاة المؤمنين ( أيبتغون عندهم العزة ) أي:أيطلبون بموالاتهم القوة والغلبة .وهذا انكار لرأيهم وابطال له .وبيان لخيبة رجائهم .ولذا علله بقوله:( فإن العزة لله جميعا ) أي:له الغلبة والقوة .فلا نصرة لهم من الكفار .والنصرة والظفر كله من الله تعالى .وهذا كما قال تعالى في آية أخرى:( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ){[2370]} .
قال ابن كثير:والمقصود ،من هذا ،التهييج على طلب العزة من جناب الله ،والاقبال على عبوديته ،والانتظام في جملة عباده المؤمنين ،الذين لهم النصرة في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .ويناسب هنا أن نذكر الحديث الذي رواه الامام أحمد عن أبي ريحانة .أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من انتسب إلى تسعة آباء كفار ،يريد بهم عزا وكرما ،فهو عاشرهم في النار ".تفرد به أحمد{[2371]} .
وأبو ريحانة هذا هو أزدي واسمه ( شمعون ) بالمعجمة فيما قاله البخاري .وقال غيره:بالمهملة والله أعلم .
تنبيه:
قال الحاكم:دلت الآية على وجوب موالاة المؤمنين ،والنهي عن موالاة الكفار .قال:والمنهي عن موالاتهم في الدين فقط .وقد ذكر المؤيد بالله ،قدس الله روحه ،معنى هذا .وهي:أن تحبه لما هو عليه .وهذا ظاهر .وهو يرجع إلى الرضا بالكفر ،وما أحبه لأجله .فأما الخلطة فليست موالاة .وقد جوز العلماء رحمهم الله نكاح الفاسقة .وكذلك الاحسان .فقد مدح الله من أطعم الأسارى .وجوز كثير منهم الوصية لأهل الذمة .وكذلك الاغتمام بغمه في أمر ،كاغتمام المسلمين لغلب فارس للروم .كذا في تفسير بعض الزيدية .