{ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} أي أحباؤكم في الدارين .للتناسب بيننا وبينكم .كما أن الشياطين أولياء الكافرين ،لما بينهم من الجنسية والمشاركة في الظلمة والكدورة .قال ابن كثير:أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار:نحن كنا قرناءكم في الحياة الدنيا .نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله .وكذلك نكون معكم في الآخرة .نؤنس منكم الوحشة في القبور ،وعند النفخة في الصور .ونؤمنكم يوم البعث والنشور .ونجاوزكم الصراط المستقيم .ونوصلكم إلى جنات النعيم .وقال الرازيّ:معنى كونهم أولياء للمؤمنين ،أن للملائكة تأثيرات في الأرواح البشرية ،بالإلهامات والمكاشفات اليقينية .كما أن للشياطين تأثيرات في الأرواح ،بإلقاء الوساوس فيها ،وتخييل الأباطيل إليها .وبالجملة ،فكون الملائكة أولياء للأرواح الطيبة الطاهرة ،حاصل من جهات كثيرة معلومة ،لأرباب / المكاشفات والمشاهدات .فهم يقولون:كما أن تلك الولاية كانت حاصلة في الدنيا ،فهي تكون باقية في الآخرة .فإن تلك العلائق ذاتية لازمة غير قابلة للزوال .بل كأنها تصير بعد الموت أقوى وأبقى .وذلك لأن جوهر النفس من جنس الملائكة .وهي كالشعلة بالنسبة إلى الشمس ،والقطرة بالنسبة إلى البحر .والتعلقات الجسمانية هي التي تحول بينها وبين الملائكة .كما قال صلى الله عليه وسلم{[6423]}:( لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم ،لنظروا إلى ملكوت السماوات ) .فإذا زالت العلائق الجسمانية ،والتدبيرات البدنية ،فقد زال الغطاء والوطاء ،فيتصل الأثر بالمؤثر ،والقطرة بالبحر ،والشعلة بالشمس .انتهى .
وهو مشرب صوفيّ ومنزع فلسفيّ ،فيه شية من الرقة{ ولكم فيها} أي في الآخرة{ ما تشتهي أنفسكم} أي من الروح والريحان والنعيم المقيم{ ولكم فيها ما تدعون} أي تتمنون