وقوله تعالى:
{ كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} كلام مستأنف ،وارد لتحقيق أن مضمون السورة موافق لما في تضاعيف سائر الكتب المنزلة على الرسل المتقدمة في الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق .أو أن إيحائها مثل إيحائها ،بعد تنويهها بذكر اسمها والتنبيه على فخامة شأنها .والكاف في حيز النصب على أنه مفعول ل{ يوحي} على الأول _ وعلى أنه نعت لمصدر مؤكد له ،على الثاني .و{ ذلك} على الأول إشارة إلى ما فيها .وعلى الثاني إلى إيحائها .وما فيه من معنى البعد ،للإيذان بعلوّ رتبة المشار إليه وبعد منزلته في الفضل .أي مثل ما في هذه السورة من المعاني ،أوحي إليك في سائر السور ،وإلى من قبلك من الرسل في كتبهم .على أن مناط المماثلة ما أشير إليه من الدعوة إلى التوحيد والإرشاد / إلى الحق وما فيه صلاح العباد في المعاش والمعاد .أو مثل إيحائها ،أوحي إليك عند إيحاء سائر السور .وإلى سائر الرسل عند إيحاء كتبهم إليهم .لا إيحاء مغايرا له .كما في قوله تعالى {[6435]}{ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} الآية .على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك .وصيغة المضارع على حكاية الحال الماضية .للإيذان باستمرار الوحي ،وأن إيحاء مثله عادته .وفي جعل مضمون السورة أو إيحائها مشبها به ،من تفخيمها ما لا يخفى .وكذا في وصفه تعالى بوصفي العزة والحكمة .وتأخير الفاعل لمراعاة الفواصل ،مع ما فيه من التشويق .وقرئ{ يوحي} على البناء للمفعول ،على أن{ كذلك} مبتدأ{ ويوحي} خبره المسند إلى ضميره .أو مصدر و{ يوحي} مسند إلى{ إليك} .و{ الله} مرتفع بما دل عليه{ يوحي} كأنه قيل:من يوحي ؟ فقيل الله .{ العزيز الحكيم} صفتان له ،أو مبتدأ ،كما في قراءة{ نوحي} .والعزيز وما بعده خبران له .أو العزيز الحكيم صفتان له .