[1] سورة هود فيها ذكر الأمم، وما حل بهم من عاجل بأس الله تعالى؛ فأهل اليقين إذا تلوها تراءى على قلوبهم من ملكه وسلطانه ولحظات البطش بأعدائه، فلو ماتوا من الفزع لحق لهم، ولكن الله تبارك وتعالى يلطف بهم في تلك الأحايين؛ حتى يقرؤوا كلامه.
وقفة
[1] ﴿الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ لو نزعت من القرآن لفظة، ثم بحثت بلسان العرب لفظة أحسن منها؛ لم توجد .
وقفة
[1] ﴿الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ أهمية الكتاب تكمن في أمرين: الأول: الجهة التي أصدرته (حَكِيمٍ خَبِيرٍ) هذا يدل على العلو، فكتاب الموظف ليس مثل كتاب المدير ولا السلطان، إذن الكتاب أهميته تكون من أهمية المرسِل، الثاني: محتواه، ماذا فيه؟ الحكمة.
وقفة
[1] ﴿الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ آيات القرآن محكمة لا يوجد فيها خلل ولا باطل، وقد فُصِّلت الأحكام فيها تفصيلًا تامًّا، والإحكام منع القول من الفساد، أي نظمت نظمًا محكمًا، لا يلحقها تناقض ولا خلل، وقيل: أُحكم نزولًا؛ لأنه قد نزل مرة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم فُصل حسب الحوادث.
وقفة
[1] ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونًا ظاهرة وخفية، من حيث اللفظ ومن جهة المعنى، قال تعالى: ﴿الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ فأحكمت ألفاظه، وفصلت معانيه، أو بالعكس -على الخلاف-، فكلٌّ من لفظه ومعناه فصيح لا يحاذى ولا يدانى، فقد أخبر عن مغيبات ماضية كانت ووقعت طبق ما أخبر، سواء بسواء، وأمر بكل خير، ونهى عن كل شر.
وقفة
[1] مظهر من مظاهر إعجاز القرآن؛ وهو أنه مؤلف من الحروف المقطعة، ولم تستطع العرب الإتيان بسورة مثله ﴿الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾.
وقفة
[1] ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ كتاب بهذا الوصف فصله (حكيم) يضع الأمور في مواضعها، (خبير) يعلم ما كان وما سيكون؛ لحريٌّ بِنَا أن نجعله منهاج حياة.
وقفة
[1] ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ الخوض في التفاصيل مظنة الزلل والخلل إلا القرآن؛ فهو محكم متقن مع ما فيه من تفصيل.
وقفة
[1] ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ أي محكمة في لفظها ومفصلة في معناها، فهو كامل من جهتين الصورة والمعنى.
لمسة
[1] ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ (ثُمَّ) هنا لترتيب الإخبار وليس ترتيبًا زمانيًا، كما تقول: فلان كريم الأصل ثم كريم الفعل، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ ... * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا﴾ [البلد: 12-17]، فلو لم يكن مؤمنًا فلا قيمة لما أنفق، إذن هذا ترتيب الإخبار لا ترتيب الوقوع.
وقفة
[1] ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ لم يجمع هذين الوصفين الإحكام والتفصيل إلا في هذا الموضع، إما أن يذكر الإحكام: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ [يونس: 1]، أو التفصيل: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [فصلت: 3]، ﴿أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا﴾ [الأنعام: 114].
وقفة
[1] ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير؛ فلا تسأل بعد هذا عن عظمته، وجلاله، واشتماله على كمال الحكمة، وسعة الرحمة.
وقفة
[1] ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ ولم يقل: من رحمن ولا رحيم؛ للتنصيص على أنه لابد من الحكمة.