[1] سورة النِّساء ابتدأَت بالنِّداء: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾، والنِّداء بـ: (يَا أَيُّهَا) أعمُّ وأشمل من النِّداء بـ ﴿يا أيُّها الذِّين آمنوا﴾؛ لأنَّ سُورةَ النِّساء وَردت فيها حُقُوق إن صَحَّ أن نُسَّمِيها (حقوق الإنسان).
وقفة
[1] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ ذكر الله تعالى أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة؛ ليعطف بعضهم على بعض، ويحننهم على ضعفائهم.
وقفة
[1] في سورة النساء لطيفة عجيبة، وهي أن أولها مشتمل على بيان كمال قدرة الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ ، وآخرها مشتمل على بيان كمال العلم: ﴿وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [النساء: 176]، وهذان الوصفان -العلم والقدرة- بهما تثبت الربوبية والألوهية والجلال والعزة، وبهما يجب على العبد أن يكون مطيعًا للأوامر والنواهي منقادًا للتكاليف.
لمسة
[1] استخدام كلمة (الربِّ) في قوله تعالى: ﴿اتَّقُواْ رَبَّكُمُ﴾ لأن لفظ الجلالة يُذكر دائمًا في مقام التكليف والتهديد، أما كلمة (الربِّ) فتأتي عند ذكر الهداية، أو ذكر فضل الله على الناس، فهو سبحانه المتفضِّل عليهم، وهو المالك والسيِّد والمربي والهادي والمرشد والمعلم.
وقفة
[1] ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ أي حواء، فإِن قلتَ: إذا كانت مخلوقةً من (آدمَ) ونحنُ مخلوقون منه أيضًا، تكون نسبتُها إليه نسبةَ الولد، فتكونُ أختًا لنا، لا أمًّا؟ قلتُ: خلقُها من آدم لم يكن بتوليد، كخلق الأولاد من الآباء فلا يلزم منه ثبوت حكم البنتية والأختية فيها.
وقفة
[1] ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ تنبيه على أن زوجتك بُضعة منك، ومن أقرب الناس إليك، فعليك بمراعاتها والقيام بحقها.
وقفة
[1] الزوجة لابد لها أن تكون في ظل زوجها وتحت كنفه وولايته ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾.
وقفة
[1] طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في الإسلام هي علاقة تكاملية لا تنافسية، فحواء لم تخلق كما خلق آدم، بل خلقت منه ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾، فإن ظلمها؛ فإنما يظلم نفسه.
وقفة
[1] ﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ صلة الرحم واجبة وإن كانت لكافر، فله دينه وللواصل دينه.
وقفة
[1] ﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ قرن الله الأمر بتقواه بالأمر ببر الأرحام والنهي عن قطيعتها؛ ليؤكد هذا الحق، وأنه كما يلزم القيام بحق الله، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق، خصوصًا الأقربين منهم، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به.
وقفة
[1] ﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ الأصل الذي يرجع إليه البشر واحد، فالواجب عليهم أن يتقوا ربهم الذي خلقهم، وأن يرحم بعضهم بعضًا.
عمل
[1] ابدأ اليوم بوضع جدول لزيارة أرحامك، والاتصال على البعيد منهم ﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾.
وقفة
[1] ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ رؤيته لك أسرع من رؤيتك للحرام.
وقفة
[1] ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ مقام المراقبة -وهو مقام شريف- أصله: علمٌ وحال؛ أما العلم فهو: معرفة العبد أن الله مطلع عليه، ناظر إليه، يرى جميع أعماله، ويسمع جميع أقواله، ويعلم كل ما يخطر على باله، وأما الحال فهي: ملازمة هذا العلم للقلب بحيث يغلب عليه، ولا يغفل عنه. ولا يكفي العلم دون هذه الحال.
وقفة
[1] ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ اســم الله (الـرقـيب): المطلع على كل شئ فى كل وقت، وفى كل مكان، وفى كل زمان.
عمل
[1] ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ اقرأوا سورة النساء قراءة متدبر، باحثين عن أسماء الله الحسنى التي وردت في السورة، والأسماء الحسنى التي ختمت بها آيات السورة بلغت 55 اسمًا منها: غفور، رحيم، عليم، حكيم، عليًا، كبيرًا، شهيدًا، خبيرًا، عفوًا، عزيزًا، توابًا، حفيظًا ...، سورة نحتاج أن نقرأها من جديد.
لمسة
[1] تختم الآية بقوله: ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ لأن كلمة (اتَّقُواْ) تعني اجعل بينك وبين غضب ربك وقاية بإنفاذ أوامر الطاعة، واجتناب ما نهى الله عنه، والرقيب من رقب أي أن هناك من يرصدك، فالله سبحانه ليس بصيرًا فقط، ولكنه رقيب أيضًا.