[57] وهذه من فوائد العقوبات والحدود المرتبة على المعاصي: أنها سبب لازدجار من لم يعمل المعاصي، بل وزجرًا لمن عملها أن لا يعاودها.
وقفة
[57] ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ محق هؤلاء واجب، لئلا يسري داؤهم إلى غيرهم.
لمسة
[57] ما الفرق بين يذّكرون ويتذكرون؟ لغويًا: (يذّكرون) أصلها يتذكرون في اللغة صار فيها إبدال، يتذكر أطول ومقاطعه أكثر، يتذكّر فيها تضعيف واحد، ويذّكّر فيها تضعيفان، والتضعيف يدل على المبالغة والتكثير، بيانيًا: القرآن الكريم يستعمل (يتذكر) لما يحتاج إلى طول وقت، ويستعمل (يذّكّر) لما فيه مبالغة في الفعل وهزة للقلب وإيقاظه، في النازعات: ﴿فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى (٣٥)﴾، يتذكر أعماله وحياته كلها فيها طول، في الأنفال ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ هؤلاء يحتاجون إلى هزة، توقظهم وتخيفهم وترهبهم وليس تذكرًا عقليًا فقط، وإنما هذا تذكر فيه شدة وتكثير ومبالغة في التذكر.