وقوله تعالى:{ من الجنة والناس} بيان للذي يوسوس على أنه ضربان:ضرب من الجنة وهم الخلق المستثرون الذين لا نعرفهم ،وإنما نجد في أنفسنا أثرا ينسب إليهم ،وضرب من الإنس كالمضللين من أفراد الإنسان ،كما قال تعالى{[7599]}{ وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} وإيحاؤهم هو وسوستهم .
قال ابن تيمية:فإن قيل:فإن كان أصل الشر كله من الوسواس الخناس ،فلا حاجة إلى ذكر الاستعاذة من وسواس الناس ،فإنه تابع لوسواس الجن ،وقيل:بل الوسوسة نوعان:نوع من الجن ،ونوع من نفوس الإنس ،كما قال:{[7600]}{ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه} ،فالشر من الجهتين جميعا ،والإنس لهم شياطين ،كما للجن شياطين .
وقال أيضا:{ الذي يوسوس في صدور الناس} نفسه لنفسه ،وشياطين الجن وشياطين الإنس ،فليس من شرط الموسوس أن يكون مستترا عن البصر ؛ بل قد يشاهد .