[ 19]{ ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد 19} .
{ ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق ،إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز} الخطاب للرسول صلوات الله عليه ،والمراد به أمته .أو لكل أحد من الكفرة لقوله:{ يذهبكم} ،والرؤية رؤية القلب .
وفي الآية وجهان من التأويل:أحدهما أنها سيقت لبيان قدرته تعالى على معاد الأبدان يوم القيامة ،بأنه خلق السماوات والأرض التي هي أكبر من خلق الناس .أي أفليس الذي قدر على خلق هذه السماوات في ارتفاعها واتساعها وعظمتها وما فيها من الكواكب الثوابت والسيارات والآيات الباهرات ،وهذه الأرض بما فيها من مهاد ووهاد وأوتاد وبراري وقفار وبحار وأشجار ونبات وحيوان على اختلاف أصنافها ومنافعها وأشكالها وألوانها{[5142]}{ أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى ،بلى إنه على كل شيء قدير} وقال تعالى{[5143]}:{ أو لم ير الإنسان أنا خلقناه / من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ،قال من يحيي العظام وهي رميم *قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ،وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون * أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ،بلى وهو الخلاق العليم} .
الوجه الثاني:ترهيب المشركين بأنهم غير معجزين ،أي:إن يشأ يهلككم إذا خالفتم أمره ،ويخلق قوما خيرا منكم كقوله تعالى{[5144]}:{ وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} وقوله{[5145]}:{ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ،وكان الله على ذلك قديرا} .
وقوله تعالى:{ بالحق} أي:بالحكمة المنزهة عن العبث كقوله{[5146]}:{ ربنا ما خلقت هذا باطلا} وقوله{[5147]}:{ وما خلقناالسماء و الأرض وما بينهما باطلا} وقوله{[5148]}:{ وما خلق الله ذلك إلا بالحق} وذلك ليتفكر في خلقها ويستدل بها على وجود بارئها وقدرته ووحدته .