وقوله تعالى:
{ وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا ( 52 )} .
{ وَيَوْمَ يَقُولُ} أي الحق تعالى:{ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} أي في دار الدنيا ،أنهم شركاء لينقذوكم مما أنتم فيه .يقال لهم ذلك على رؤوس الأشهاد تقريعا وتوبيخا لهم{ فَدَعَوْهُمْ} أي فنادوهم للإعانة ،لبقاء اعتقاد شركهم{ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} أي فلم يعينوهم ،لعجزهم عن الجواب ،فضلا عن الإعانة .وفي إيراده ،مع ظهوره ،تهكم بهم وإيذان بأنهم في الحماقة بحيث لا يفهمونه إلا بالتصريح به{ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم} أي بين الكفار وآلهتهم{ مَّوْبِقًا} أي مهلكا يشتركون فيه ،وهو النار .أو عداوة هي في الشدة نفس الهلاك .كقول عمر رضي الله عنه ( لا يكن حبك كلفا ،ولا بغضك تلفا ) ويؤيد هذا قوله تعالى:{ واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا} .
قال ابن كثر:وأما إن جعل الضمير في قوله:{ بينهم} عائدا إلى المؤمنين والكافرين كما قال عبد الله بن عمرو ( إنه يفرق بين أهل الهدى والضلالة به ) – فهو كقوله تعالى:{ ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون} وقال:{ يومئذ يصدعون} وقال تعالى:{ وامتازوا اليوم أيها المجرمون} وقال تعالى:{ ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم ،فزيلنا بينهم} إلى قوله:{ وضل عنهم ما كانوا يفترون} .