ولما فصل تعالى الزواجر عن الزنى ،وعن رمي العفائف عنه ،بين من الزواجر ما عسى يؤدي إلى أحدهما .وذلك في مخالطة الرجال بالنساء ،ودخولهم عليهن في أوقات الخلوات ،وفي تعليم الآداب الجميلة ،فقال سبحانه:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} أي تستعملوا وتستكشفوا الحال .هل يراد دخولكم أم لا ؟ من ( الاستئناس ) وهو الاستعلام .من ( آنس الشيء ) إذا أبصره ظاهرا مكشوفا .أو المعنى:حتى يؤذن لكم فتستأنسوا .من ( الاستئناس ) الذي هو خلاف الاستيحاش .لما أن المستأذن مستوحش من خفاء الحال عليه .فيكون عبر بالشيء عما هو لازم له ،مجازا أو استعارة .وجوز أن يكون من ( الإنس ) والمعنى:حتى تعلموا هل فيها إنسان ؟{ وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} أي ليؤمنهم عما يوحشهم{ ذَلِكُمْ} أي الاستئذان والتسليم{ خَيْرٌ لَّكُمْ} أي من الدخول بغتة{ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي فتتعظوا وتعملوا بموجبه .