{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} وهو الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر ،إلى اللجأ والتضرع إلى الله تعالى .اسم مفعول من ( الاضطرار ) الذي هو افتعال من ( الضرورة ) وهي الحالة المحوجة إلى اللجأ أي الالتجاء والاستناد .
قال ابن كثير:ينبه تعالى أنه المدعو عند الشدائد ،الموجود عند النوازل ،كما قال تعالى{[5971]}:{ وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه} وقال تعالى{[5972]}:{ ثم إذا مسكم الضر فإليه تجئرون} وهكذا قال ها هنا:{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} أي من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه ،والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه ؟
وقال ابن القيم في ( الجواب الكافي ):إذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب ،وصادف انكسارا بين يدي الرب وذلا له وتضرعا ورقة ،ثم توسل إليه تعالى بأسمائه وصفاته وتوحيده ،فإن الدعاء لا يكاد يرد أبدا .ولاسيما إن صادف الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،أنها مظنة الإجابة ،أو أنها متضمنة للاسم الأعظم .
ثم ساقها ابن القيم مسندة .
ثم قال:وكثيرا ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم .فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله .أو حسنة تقدمت منه ،جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته ،أو صادف الدعاء وقت إجابة ،ونحو ذلك ،فأجيبت دعوته .فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك الدعاء ،فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي .وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا ،في الوقت الذي ينبغي ،على الوجه الذي ينبغي .فانتفع به .فظن غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده ،كاف في حصول المطلوب ،كان غالطا .وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس .ومن هذا يتفق دعاؤه باضطرار عن قبر فيجاب .فيظن الجاهل أن السر للقبر ولم يعلم أن السر للاضطرار وصدق اللجأ إلى الله .فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله ،كان أفضل وأحب إلى الله .انتهى .
وقوله تعالى:{ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} أي كل ما يسوءه مما يضطر فيه وغيره{ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ} أي خلفاء فيها .وذلك توارثهم سكناها ،والتصرف فيها قرنا بعد قرن .أو أراد بالخلافة الملك والتسلط .قاله الزمخشري{ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ .