{ وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} أي ذكرانا وإناثا ،لطفا منه ورحمة{ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ} أي من أحد .وإنما سمي معمرا لما يؤول إليه .أي وما يمد في عمر أحد{ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} .وهو عمله تعالى الذي سبق ،ببلوغ أصله إليه{ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي:الحفظ والزيادة أو النقص ،سهل .لشمول علمه وعموم قدرته .
لطيفة:
الضمير في{ عمره} للمعمر قبله .باعتبار الأصل المحول عنه .لأن الأصل ( وما يعمر من أحد ) كما ذكرنا .أو هو على التسامح المعروف فيه ،ثقة في تأويله بأفهام السامعين:كقولهم ( له عليّ درهم ونصفه ) أي نصف درهم آخر .أو للمنقوص من عمره لا للمعمر ،كما في الوجه السابق .وهو وإن لم يصرح به في حكم المذكور ،كما قيل ( وبضدها تتبين الأشياء ) فيعود / الضمير على ما علم من السياق .وقد أطال بعضهم الكلام في ذلك .ومحصله ،كما ذكره الشهاب ،أنه اختلف في معنى{ معمر} فقيل:المزاد عمره .بدليل ما يقابله من قوله{ ينقص} الخ .وقيل ( من يجعل له عمر ) .وهل هو واحد أو شخصان ؟ فعلى الثاني هو شخص واحد .قالوا مثلا:يكتب عمره مائة ثم يكتب تحته مضى يوم ،مضى يومان ،وهكذا ،فكتابة الأصل هي التعمير .والكتابة بعد ذلك هو النقص .كما قيل .
حياتك أنفاس تعد فكلما *** مضى نفس منها انتقصت به جزءا
والضمير في ( عمره ) حينئذ راجع للمذكور .والمعمر هو الذي جعل له الله له عمرا طال أو قصر .وعلى القول الأول هو شخصان .والمعمر الذي يزيد في عمره .والضمير حينئذ راجع إلى ( معمر آخر ) إذ لا يكون المزيد من عمره منقوصا من عمره .وهذا قول الفرّاء وبعض النحويين .وهو استخدام أو شبيه به .انتهى .