{ إنا أخلصناهم} أي صفيناهم عن شوب صفات النفوس وكدورة حظوظها ،وجعلناهم لنا خالصين بالمحبة الحقيقية{ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} أي الباقية والمقر الأصلي ،أي استخلصناهم لوجهنا بسبب تذكرهم لعالم القدس ،وإعراضهم عن معدن الرجس ،مستشرفين لأنوارنا ،لا التفات لهم إلى الدنيا وظلماتها أصلا .
لطيفة:
قال السمين:قرأ نافع وهشام:{ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} بالإضافة .وفيها أوجه:أحدها - أن يكون أضاف خالصة إلى ذكرى للبيان .لأن الخالصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى .كما في قوله:{ بشهاب قبس} لأن الشهاب يكون قبسا وغيره .الثاني - أن خالصة مصدر بمعنى إخلاص ،فيكون مصدرا مضافا لمفعوله ،والفاعل محذوف ،أي بأن أخلصوا ذكر الدار وتناسوا عند ذكرها ذكر الدنيا .وقد جاء المصدر على ( فاعلة ) كالعاقبة .أو يكون المعنى بأن أخلصنا نحن لهم ذكرى الدار .
وقرأ الباقون بالتنوين وعدم الإضافة .وفيها أوجه:أحدها - أنها مصدر بمعنى الإخلاص ،فيكون{ ذكرى} منصوبا به ،وأن يكون بمعنى الخلوص ،فيكون{ ذكرى} مرفوعا به ،والمصدر يعمل منوّنا كما يعمل مضافا .أو يكون{ خالصة} اسم فاعل على بابه .و{ ذكرى} بدل أو بيان لها أو منصوب بإضمار ( أعني ) أو هو مرفوع على إضمار مبتدأ ،و{ الدار} يجوز أن يكون مفعولا به ب{ ذكرى} وأن يكون ظرفا إما على الاتساع وإما على إسقاط الخافض .و{ خالصة} إن كانت صفة ،فهي صفة لمحذوف .أي بسبب خصلة خالصة .انتهى .