( ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما40 ) .
( ان الله لا يظلم مثقال ذرة ) أي لا يبخس أحدا من ثواب عمله ولا يزيد في عقابه شيئا مقدار ذرة ،وهي النملة الصغيرة ،في قول أهل اللغة .قال ثعلب:مائة من الذر زنة حبة شعير .وهذا مثل ضربه الله تعالى لأقل الأشياء .والمعنى:ان الله تعالى لا يظلم أحدا شيئا ،قليلا ولا كثيرا .فخرج الكلام على أصغر شيء يعرفه الناس ( وان تك حسنة يضاعفها ) أي وان تك مثقال ذرة حسنة يضاعف ثوابها .وانما أنث ضمير المثقال لتأنيث الخبر .أو لاضافته إلى الذرة ( ويؤت ) أي زيادة على الأضعاف ( من لدنه ) مما يناسب عظمته على نهج التفضل ( أجرا عظيما ) أي عطاء جزيلا .وقد ورد في معنى هذه الآية أحاديث كثيرة .منها ما في ( الصحيحين ){[1727]} عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث / الشفاعة الطويل:وفيه: "فيقول الله عز وجل:ارجعوا .فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان فأخرجوه من النار ".وفي لفظ: "أدنى أدنى مثقال ذرة من ايمان ،فأخرجوه من النار .فيخرجون خلقا كثيرا .ثم يقول أبو سعيد:اقرؤوا ان شئتم ( ان الله لا يظلم مثقال ذرة )".
وقد روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في هذه الآية قال: "فأما المشرك فيخفف عنه العذاب يوم القيامة .أي بحسنته .ولا يخرج من النار أبدا ".
قال الحافظ ابن كثير:وقد يستدل له بالحديث الصحيح{[1728]}ان العباس قال: "يا رسول الله ! هل نفعت أبا طالب بشيء فانه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال:نعم .هو في ضحضاح من نار .ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ".
وقد يكون هذا خاصا بأبي طالب من دون الكفار .بدليل ما رواه أبو داود{[1729]}الطيالسي في ( مسنده ) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ان الله عز وجل لا يظلم المؤمن حسنة .يثاب عليها الرزق في الدنيا .ويجزى بها في الآخرة .وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا .فاذا كان يوم القيامة لم يكن له حسنة ".انتهى .
ورواه مسلم{[1730]} أيضا عن أنس أيضا مرفوعا .ولفظه: "ان الله لا يظلم مؤمنا حسنة ،يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة .وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا ،حتى إذا أفضى إلى الآخرة ،لم يكن له حسنة يجزى بها ".