ولما بين تعالى النعم اللازمة ،تأثرها بنعمه عليه المتعدية ،فقال سبحانه:
[ 111]{ وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون ( 111 )} .
{ وإذ أوحيت إلى الحواريين} أي:بطريق الإلهام والإلتقاء في القلب{ أن آمنوا بي وبرسولي} أي:عن دعوته{ قالوا أمنا} وأكدوا إيمانهم بقولهم:{ واشهد} أي:لتؤديها عند ربك{ بأننا مسلمون} أي:منقادون لكل ما تدعونا إليه .
وههنا لطائف:
الأولى- إنما قدموا ذكر الإيمان لأنه صفة القلب .والإسلام عبارة عن الانقياد والخضوع في الظاهر .يعني آمنا بقلوبنا وانقدنا بظواهرنا .
الثانية- إنما ذكر تعالى هذا في معرض تعديد النعم .لأن صيرورة الإنسان مقبول القول عند الناس ،محبوبا في قلوبهم ،من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان .كذا قاله الرازي .
وقال المهايمي:ليحصل له رتبة التكميل وثواب رشدهم .
الثالثة- قال الرازي:إن قيل:إنه تعالى قال في أول الآية:{ اذكر نعمتي عليك وعلى / والدتك} ثم عن جميع ما ذكره تعالى من النعم مختص بعيسى عليه السلام ،وليس لأمه تعلق بشيء منها .قلنا:كل ما حصل للولد من النعم الجليلة والدرجات العالية ،فهو حاصل ،على سبيل التضمن والتبع للأم .ولذلك قال تعالى:{ وجعلنا ابن مريم وأمه آية}{[3301]} .فجعلهما معا آية واحدة لشدة اتصال كل واحد منهما بالآخر .انتهى .
وقال بعضهم:قيل:أريد بالذكر في قوله تعالى:{ اذكر نعمتي} الشكر .ففي ذلك دلالة على وجوب شكر النعمة .وإن النعمة على الأم نعمة على الولد .والشكر يكون بالقول والفعل والاعتقاد .