ولما كان تمام المنة بهما بهبة العقل أشار إليه بقوله سبحانه:{ إنا هديناه السبيل} أي سبيل الخير والشر والنجاة والهلاك ،أي عرفناه وبينا له ذلك ،بأدلة العقل والسمع{ إما شاكرا} أي بالاهتداء والأخذ فيه{ وإما كفورا} أي بالإعراض عنه ونصبهما ب ( يكون ) مقدرة أي ليكون إما شاكرا وإما كفورا أي ليتميز شكره من كفره وطاعته من معصيته كقوله{[7288]}{ ليبلوكم أيكم أحسن عملا} .
قال الرازي قال القفال ومجاز هذه الكلمة على هذا التاويل قول القائل قد نصحت لك ،إن شئت فاقبل وإن شئت فاترك ،أي فإن شئت فتحذف الفاء فكذا المعنى{ إنا هديناه السبيل} فإما شاكرا وإما كفورا ،فتحذف الفاء وقد يحتمل أن يكون ذلك على جهة الوعيد أي إنا هديناه السبيل فإن شاء فليكفر وإن شاء فليشكر فإنا أعتدنا للكافرين كذا وللشاكرين كذا كقوله{[7289]}{ وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} انتهى .
لطيفة:قال في ( النهر ) لما كان الشكر قل من يتصف به قال{ شاكرا} ولما كان الكفر كثيرا من يتصف به ويكثر وقوعه من الإنسان بخلاف الشكر قال{ كفورا} بصيغة المبالغة انتهى .
وهذا ألطف من القول بمراعاة رؤوس الآي .