[ 30]{ هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون 30} .
{ هنالك} أي في ذلك المقام المدهش ،حين قطع الموصلة ،وإنكار الشركاء العبادة{ تبلوا كل نفس ما أسلفت} أي تختبر وتذوق كل نفس ما أسلفت من العمل ،فتعاين أثره من قبح وحسن ،ورد وقبول ،كما يختبر الرجل الشيء ويتعرفه ،ليكتنه حاله .وهذا قوله تعالى{[4730]}:{ ينبّأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} وقوله{[4731]}:{ يوم تبلى السرائر} .
{ وردوا إلى الله مولاهم الحق} الضمير للذين أشركوا ،أي ردوا إلى الله المتولي جزاءهم بالعدل والقسط{ وضل عنهم ما كانوا يفترون} أي ضاع عنهم ما افتروه من اختراعاتهم ،وأصول دينهم ومذهبهم ،وتوهماتهم الكاذبة ،وأمانيهم الباطلة .أي ظهر ضياعه وضلاله ،فلم يبق له أثر فيهم .
وفي هذه الآية تبكت شديد للمشركين الذين عبدوا ما لا يسمع ولا يبصر ،ولا يغني عنهم شيئا ،ولم يأمرهم بذلك ،ولا رضي به ،ولا أراده ،بل تبرأ منهم ،وأحوج ما يكونون إلى المعونة .والمشركون أنواع وأقسام ،وقد ذكرهم تعالى في كتابه ،وبين أحوالهم ،ورد عليهم أتم رد .