[ 10]{ * قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين 10} .
{ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض} أي:وهو مما لا مجال للشك فيه لغاية ظهوره .
قال ابن كثير:هذا يحتمل معنيين:أحدهما:أفي وجوده شك ؟ فإن الفطر شاهدة بوجوده ومجبولة على الإقرار به .فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة ،ولكن قد يعرض لبعض الفطر شك واضطراب فيحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده ،ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه فاطر السماوات والأرضأي الذي خلقهما وابتدعهما / على غير مثال سبقفإن شواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليهما .فلا بد لهما من صانع وهو الله لا إله إلا هو خالق كل شيء وإلهه ومليكه .والمعنى الثاني:أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له ،شك ؟ وهو الخالق لجميع الموجودات ولا يستحق العبادة إلا هو وحده لا شريك له ،فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع ،ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم أو تقربهم من الله زلفى .انتهى
وسبق لنا في سورة الأعراف البحث في أن معرفته تعالى ضرورية أو نظرية فارجع إليه .
وفي إدخال همزة الإنكار على الظرف إيذان بأن مدار الإنكار ليس نفس الشك بل وقوعه فيما لا يكاد يتوهم فيه الشك أصلا ،وفي العدول عن تطبيق الجواب على كلام الكفرة بأن يقولوا:( أأنتم في شك مريب من الله ) مبالغة في تنزيه ساحة جلاله عن شائبة الشك وتسجيل عليهم بسخافة العقول .
وقوله تعالى:{ يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم} أي:يدعوكم إلى الإيمان بإرساله إيانا ،لا أنا ندعوكم إليه من تلقاء أنفسنا كما يوهمه قولكم{ مما تدعوننا إليه} .ولام ،{ ليغفر} متعلقة ب ( يدعو ) أي:لأجل المغفرة لا لفائدته ،تعالى وتقدس ،أو للتعدية أي:يدعوكم إلى المغفرة كقولك:دعوتك لزيد .و ( من ) إما تبعيضية أي:بعض ذنوبكم وهو ما بينهم وبين الله تعالى دون المظالم ،أو صلة ،على مذهب الأخفش وغيره ،من زيادتها في الإيجاب ،أو للبدل أي:بدل عقوبة ذنوبكم ،أو على تضمين ( يغفر ) معنى ( يخلص ) .
وادعى الزمخشري مجيئه ب ( من ) هكذا في خطاب الكافرين دون المؤمنين في جميع القرآن .قال:وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين ،ولئلا يسوى بين الفريقين في الميعاد .
قال في ( الكشف ):وللتخصيص فائدة أخرى وهي التفرقة بين الخطابين بالتصريح / بمغفرة الكل وإبقاء البعض في حق الكفرة مسكوتا عنه لئلا يتكلوا على الإيمان .
وقوله تعالى:{ ويؤخركم إلى أجل مسمى} أي:يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى{ قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين} أي:آية مما نقترحه تدل على فضلكم علينا بالنبوة .