{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} أي إرادته لقيامهما .قال أبو السعود:والتعبير عنها بالأمر ،للدلالة على كمال القدرة ،والغنى عن المبادئ والأسباب .وليس المراد بإقامتها إنشاؤهما .لأنه قد بين حاله بقوله تعالى{[6062]}:{ ومن آياته خلق السماوات والأرض} ولا إقامتهما بغير مقيم محسوس ،كما قيل .فإن ذلك من تتمات إنشائهما ،وإن لم يصرح به ،تعويلا على ما ذكر في غير موضع من قوله تعالى{[6063]}:{ خلق السماوات بغير عمد ترونها} الآية .بل قيامهما واستمرارهما على ما هما عليه ،إلى أجلهما الذي نطق به قوله تعالى فيما قبل{[6064]}:{ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} وحيث كانت هذه الآية متأخرة عن سائر الآيات المعدودة ،متصلة بالبعث في الوجود ،أخرت عنهن وجعلت متصلة به في الذكر أيضا ،فقيل:{ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ} فإنه كلام مسوق للإخبار بوقوع البعث ووجوده ،بعد انقضاء أجل قيامهما ،مترتب على تعداد آياته الدالة عليه ،غير منتظم في سلكها كما قيل .كأنه قيل:ومن آياته قيام السماوات والأرض على هيآتهما بأمره تعالى ،إلى أجل مسمى قدره الله تعالى لقيامهما .ثم إذا دعاكم ،أي بعد انقضاء الأجل من الأرض وأنتم في قبوركم ،دعوة واحدة ،بأن قال:أيها الموتى ! اخرجوا ،فاجأتم الخروج منها ،وذلك قوله تعالى{[6065]}:{ يومئذ يتبعون الداعي} انتهى .
لطائف:
الأولى – الدعاء إما على حقيقته ،أو الكلام تمثيل .شبه سرعة ترقب حصول ذلك ،على تعلق إرادته بلا توقف ،واحتياج إلى تجشم عمل ،بسرعة ترقب إجابة الداعي المطاع على دعائه .أو هو مكنية وتخييلية بتشبيه الموتى بقوم يريدون الذهاب إلى محل ملك عظيم يتهيئون لذلك ،وإثبات الدعوة لهم قرينتها .
الثانية – قوله تعالى{ من الأرض} متعلق ب ( دعا ) كقوله:دعوته من أسفل الوادي فطلع إلي ،لا ب{ تخرجون} لأن ما بعد{ إذا} لا يعمل فيما قبله .
الثالثة – قال الكرخي:قال هنا{ إذا أنتم تخرجون} وقال في خلق الإنسان{[6066]}:{ ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} لأنه هناك يكون خلق وتقدير وتدريج ،حتى يصير التراب قابلا للحياة ،فنفخ فيه الروح ،فإذا هو بشر .وأما في الإعادة فلا يكون تدريج .بل يكون بدء وخروج فلم يقل هنا:( ثم ) .انتهى .