{ والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} أي بالعدالة .احترازا عن الذلة والانظلام ،لكونهم في مقام الاستقامة ،قائمين بالحق والعدل الذي ظلّه في نفوسهم .قاله القاشانيّ .وقال ابن جرير:{[6473]} اختلف أهل التأويل في الباغي الذي حمد تعالى ذكره ،المنتصر منه بعد بغيه عليه .فقال بعضهم:هو المشرك إذ بغى على المسلم .وقال آخرون:بل هو كل باغ بغى فحمد المنتصر منه .وإليه ذهب السّدّيّ حيث قال:ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا .
قال ابن جرير:وهذا القول الثاني أولى في ذلك بالصواب .لأن الله لم يخصص من ذلك معنى دون معنى .بل حمد كل منتصر بحق ممن بغى عليه .فإن قال قائل:وما في الانتصار/من المدح ؟ قيل:إن في إقامة الظالم على سبيل الحق ،وعقوبته بما هو له أهل ،تقويما له .وفي ذلك أعظم المدح .انتهى .وكذا قال الزمخشري .فإن قلت:أهم محمودون على الانتصار ؟ قلت:نعم .لأن من أخذ حقه غير متعد حد الله وما أمر به فلم يسرف في القتل:إن كان وليّ دم ،أو ردّ على سفيه محاماة على عرضه وردعا له ،فهو مطيع .وكل مطيع محمود .قال النخعيّ:كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفسّاق .