[ 192]{ ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون ( 192 )}
{ ولا يستطيعون لهم} أي لعبدتهم إذا حزبهم أمر{ نصرا} أي بجلب نفع ،أو دفع ضر{ ولا أنفسهم ينصرون} إذا اعترتهم حادثة من الحوادث ،كما قال تعالى:{ وإن يسلُبْهُمُ الذباب شيئا لا يَسْتنْقِذوهُ منه}{[4276]} وكما كان الخليل عليه الصلاة والسلام يكسر أصنام قومه ،ويهينها غاية الإهانة .
وقد حكى ابن كثير أن معاذ بن عمرو بن الجموح ،ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما أسلما لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ،وكانا شابين ،فكانا يعودان في الليل على أصنام المشركين ،يكسرانها ويتلفانها ،ويتخذانها حطبا للأرامل ،ليعتبر قومهما .وكان لعمرو بن الجموح- وكان سيدا في قومه- صنم يعبده ويطيّبه ،فكانا يجيئان في الليل ،فينكسانه على رأسه ،ويلطخانه بالعذرة .فيجيء عمرو بن الجموح ،فيرى ما صنع به ،فيغسله ويطيبه ،ويضع عنده سيفا ،ويقول له:انتصر ،ثم يعودان لمثل ذلك ،ويعود إلى صنيعه أيضا .حتى أخذاه مرة ،فقرناه مع كلب ميت ،ودلّياه في حبل بئر هناك ،فلما جاء عمرو بن الجموح ،ورأى ذلك ،نظر فعلم أن ما كان عليه من الدين باطل ،وقال:
تالله لو كنتَ إلهاً مُسْتدَنْ***لم تك والكلبَ جميعا في قَرَنْ
( مستدن:ذليل مستعبد .والقرَن:الحبل ) .
ثم أسلم فحسن إسلامه ،وقتل يوم أحد شهيدا ،رضي الله عنه وأرضاه .
( انظر سيرة ابن هشام ج 2 ص 95 طبعة الحلبي .و ص 303 طبعة جوتنجن ) .
تنبيه:
قال الجشمي:تدل الآية عل صحة الحجاج في الدين ،لأن قوله:{ أيُشركون ما لا يَخْلُقُ ...} الآية- حجاج .وتدل على أن المستحق للعبادة الذي يخلق وينعم ويقدر على النفع والضر هو الله تعالى .