[ 54]{ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون 54} .
{ إن نقول إلا اعتراك} أي مسك{ بعض آلهتنا بسوء} أي بجنون ،لسبك / إياها ،وصدك عنها ،وعداوتك لها ،مكافأة لك منها على سوء فعلك ،بسوء الجزاء ،ومن ثم تتكلم بما تتكلم .
قال الزمخشري:دلت أجوبتهم المتقدمة على أنهم كانوا جفاة ،غلاظ الأكباد ،لا يبالون بالبهت ،ولا يلتفتون إلى النصح ،ولا تلين شكيمتهم للرشد .وهذا الأخير دال على جهل مفرط ،وبله متناه ،حيث اعتقدوا في حجارة أنها تنتصر وتنتقم .
{ قال إني أشهد الله} أي علي{ واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه} قال الزمخشري:من أعظم الآيات أن يواجه ،بهذا الكلام ،رجل واحد أمة عطاشا إلى إراقة دمه يرمونه عن قوس واحدة ،وذلك لثقته بربه ،وأنه يعصمه منهم ،فلا تنشب فيه مخالبهم ،ونحو ذلك قال نوح عليه السلام لقومه{[4860]}:{ ثم اقضوا إلي ولا تنظرون} أكد براءته من آلهتهم وشركهم ووثقها بما جرت به عادة الناس من توثيقهم الأمور بشهادة الله ،وشهادة العباد ،فيقول الرجل:الله شهيد على أني لا أفعل كذا ،ويقول لقومه:كونوا شهداء على أني لا أفعله .ولما جاهر بالبراءة مما يعبدون ،أمرهم بالاحتشاد والتعاون في إيصال الكيد إليه ،عليه السلام ،دون إمهال بقوله:{ فيكيدوني جميعا} أي أنتم وآلهتكم{ ثم لا تنظرون} يعني إن صح ما لوحتم به ،من كون آلهتكم لها تأثير في ضر ،فكونوا معها فيه ،وباشروه أعجل ما تفعلون دون إمهال .