ثم أشار تعالى إلى مقابل حال قارون ،من حال خلص عباده ،بقوله سبحانه:
{ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} أي غلبة وتسلطا بسوء وتكبر{ وَلَا فَسَادًا} أي بظلم وعدوان وصد عن سبيل الله تعالى{ وَالْعَاقِبَةُ} أي النهاية الحميدة{ لِلْمُتَّقِينَ} أي للذين يتقون ما لا يرضاه تعالى من الأقوال والأفعال .
قال الزمخشري ،قدس الله روحه:لم يعلق الموعد بترك العلو والفساد .ولكن بترك إرادتهما ،وميل القلوب إليهما .كما قال{[6018]}:{ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} فعلق الوعيد بالركون .وعن علي رضي الله عنه:( إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه .فيدخل تحتها ) .
وعن الفضيل أنه قرأها ثم قال:ذهبت الأماني ها هنا .وعن عمر بن عبد العزيز ،أنه كان يرددها حتى قبض .ومن الطماع من يجعل العلو لفرعون ،والفساد لقارون ،متعلقا بقوله{[6019]}:{ إن فرعون علا في الأرض}{[6020]}{ ولا تبغ الفساد في الأرض} ويقول:من لم يكن مثل فرعون وقارون ،فله تلك الدار الآخرة .ولا يتدبر قوله:{ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} كما تدبره علي والفضيل وعمر رضي الله عنهم .