ثم فصل ما ذكر من عملهم بقوله تعالى:{ يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور ( 13 )} .
{ يعملون له ما يشاء من محاريب} أي مساكن ومجالس شريفة أو مساجد{ وتماثيل} أي صور ونقوش منوعة على الجدر والسقوف والأعمدة ،جمع{ تمثال} وهو كل ما صور على مثل صورة غيره من حيوان وغير حيوان .ولم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرما .
قال السيوطي في ( الإكليل ):قال ابن الفرس:احتجت به فرقة في جواز التصوير ،وهو ممنوع فإنه منسوخ في شرعنا{ وجفان كالجواب} أي وصحاف كالجوابي وهي الحياض الكبار .و ( الجفان ) جمع جفنة وهي كالصحفة والقصعة ،ما يوضع فيه الطعام مطلقا .وقيل الجفنة أعظم القصاع .ثم يليها القصعة وهي ما تشبع عشرة .ثم الصفحة وهي ما تشبع خمسة .ثم الميكلة وهي ما تشبع ثلاثة أو اثنين .ثم الصحيفة{ وقدور راسيات} أي ثابتات على الأثافي ،لا تنزل عنها لعظمها{ اعملوا آل داوود شكرا} أي قيل لهم:اعملوا لله واعبدوه على وجه الشكر لنعمائه .وفيه إشارة إلى أن العمل حقه أن يكون للشكر لا للرجاء والخوف .كما أن فيه وجوب الشكر .وأنه يكون بالعمل ولا يختص باللسان .لأن حقيقته صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خلق لأجله .وداوود عليه السلام قد يدخل هنا في ( آله ) فإن آل الرجل قد يعمه{ وقليل من عبادي الشكور} أي المتوفر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه ،أكثر أوقاته .