{ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون 23} .
{ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون 24} .
{ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} أي من ترك متابعة الهدى إلى متابعة الهوى .فكأنه يعبده .فجعله إلها تشبيه بليغ أو استعارة .قال القاشانيّ:الإله المعبود ،ولما أطاعوا الهوى فقد عبدوه وجعلوه إلها .إذ كل ما يعبده الإنسان بمحبته وطاعته ،فهو إلهه ولو كان حجرا !{ وأضله الله على علم} ،أي عالما بحاله ،من زوال استعداده ،وانقلاب وجهه ،إلى الجهة السفلية .أو مع كون ذلك العابد للهوى عالمابعلم ما يجب عليه فعله في الدين .على تقدير أن يكون{ على علم} حالا من الضمير المفعول في{ أضله الله} لا من الفاعل .وحينئذ يكون الإخلال لمخالفته علمه بالعمل ،وتخلف القدم عن النظر ،لتشرب قلبه بمحبة النفس وغلبة الهوى .أو على علم منه غير نافع .لكونه من باب الفضول .ليس فيه إلى الحق سلوك ووصول{ وختم على سمعه وقلبه} أي بالطرد عن باب الهدى ،والإبعاد عن محل سماع كلام الحق وفهمه ،لمكان الرّين وغلظ الحجاب ،فلا يعقل منه شيئا{ وجعل على بصره غشاوة} أي عن رؤية حجج الله وآياته{ فمن يهديه من بعد الله} أي فمن يوفقه لإصابة الحق بعد إضلال الله إياه{ أفلا تذكرون}