{ يوم يجمعكم} ظرف ل{ تنبؤون} أو ل{ خبير} لما فيها من معنى الوعيد كأنه قيل والله مجازيكم يوم يجمعكم أو مفعول ل ( اذكر ){ ليوم التغابن} أي ليوم يجمع فيه الأولون والاخرون أي لأجل ما فيه من الحساب والجزاء{ ذلك يوم التغابن} قال الزمخشري التغابن مستعار من تغابن القوم في التجارة وهو أن يغبن بعضهم بعضا لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كان ينزلونها لو كانوا سعداء ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلونها لو كانوا أشقياء وفيه تهكم بالأشقياء لأن نزولهم ليس بغبن انتهى .
ومما حسن إطلاق التغابن على ما ذكروا ورود البيع والاشتراء في حق الفريقين فذكر تعالى في حق الكافرين أنهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة واشتروا الضلالة بالهدى وذكر أنهم ما ربحت تجارتهم فكأنهم غبنوا أنفسهم ودل المؤمنين على تجارة رابحة قال{[7124]}{ هل أدلكم على تجارة ....} الآية وذكر أنهم باعوا أنفسهم بالجنة ،فخسرت صفقة الكفار وربحت صفقة المؤمنين .
وقال القاشاني أي ليس التغابن في الأمور الدنيوية فإنها أمور فانية سريعة الزوال ضرورة الفناء لا يبقى شيء منها لأحد فإن فات شيء من ذلك ،أو أفاته أحد ولو كان حياته فإنما فات أو أفيت ما لزم ضرورة فلا غبن ولا حيف حقيقة وإنما الغبن والتغابن في إفاتة شيء لو لم يفته لبقي دائما والنفع به صاحبه سرمدا وهو النور الكمالي والاستعدادي فتظهر الحسرة والتغابن هناك ،في إضاعة الربح ورأس المال في تجارة الفوز والنجاة كما قال{[7125]}{ فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين} فمن أضاع استعداده ونور فطرته كان مغبونا مطلقا كمن أخذ نوره وبقي في الظلمة ومن بقي نور فطرته ولم يكتسب الكمال اللائق به الذي يقتضيه استعداده أو اكتسب منه شيئا ولم يبلغ غايته كان مغبونا بالنسبة إلى الكمال التام ،فكأنما ظفر بذلك بمقامه ومرامه وبقي هذا متحيرا في نقصانه انتهى ،{ ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} .