ثم بين تعالى من أريد بال{ مؤمنين} بذكر أوصافهم الجليلة ،المستتبعة لما ذكر من الخصال الثلاث ،ترغيبا لهم في الامتثال بالأوامر المذكورة فقال سبحانه:
2{ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} .
{ إنما المؤمنون} أي الكاملون المخلصون فيه{ الذين إذا ذكر الله} أي حقه أو وعيده{ وجلت قلوبهم} أي فزعت لذكره ،واقشعرت إشفاقا ألا تكون قامت بحقه ،وتهيبا من جلاله وعزة سلطانه ،وبطشه بالعصاة وعقابه .
قال الجُشمي:ومتى قيل:لٍمَ جاز وصفهم هاهنا بالوجل والطمأنينة في قوله:{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله}{[4305]} فجوابنا فيه وجوه:
منها:أنه تطمئن قلوبهم عند ذكر نعمه ،وتوجل لخوف عقابه بارتكاب معاصيه .
ومنها:أن قلوبهم تطمئن لمعرفة توحيده ،ووعده ،ووعيده ،فعند ذلك توجل لأوامره ونواهيه ،خوف التقصير في الواجبات والإقدام على المعاصي والمستقبل يتغير حاله .انتهى .
{ وإذا تليت عليهم آياته} أي حججه وهي القرآن{ زادتهم إيمانا} أي يقينا وطمأنينة نفس ،إلى ما عندهم ،فإن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه ،وأثبت لقدمه .
/ وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها ،على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب ،كما هو مذهب جمهور الأمة ،بل قد حكى الإجماع عليه غيرُ واحد ،كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد{ وعلى ربهم يتوكلون} أي لا يرجون سواه ،ولا يخشون غيره ،ولا يفوضون أمورهم إلى غيره .